عن عقدة الكمال أُحدثكم - الجزء الأول - ..

 

Photo by Kaboompics .com on Pexels

مرحبا بكم يا أصدقاء..

أتمنى بأن يكون الجميع بأتم صحة وأفضل حال..

مدونة اليوم مختلفة بالنسبة لي؛ فهي عبارة عن تجربة خاصة.. ومن خلالها أتفهم تمامًا شعور البعض في عدم رغبته بمشاركة تجربته مع الآخرين وصعوبة الأمر عليه، وأشكر كل من شاركنا قصته وتجربته في الصحة النفسية (إذا كانت لديك رغبة في سماع أوقراءة بعض التجارب تابع سلسلة تغريدات لست وحدك على حسابي في الكس (التويترسابقًا)..

في هذه التجربة أحكي القليل المفيد –إن شاء الله-، وأكتب بهدف الفائدة لا أكثر، وأرسل من خلالها عدة رسائل منها: رسائل حمد وشكر لله سبحانه وتعالى على لطفه بي في كل حال، ورسائل حب وتقدير لنفسي على كل الجهود ولحظات الصمود تجاه كل الصعّاب، ورسائل شكر وامتنان لكل الأرواح اللطيفة التي كانت معي، ولا أنسى أهم الرسائل.. وهي رسالتي لكم أنتم -عبر تجربتي الخاصة وتخصصي الجميل-: بأنكم لستم وحدكم وأنه لا بأس عليكم إن شاء الله 🫂❤️..

فأنا أدرك جيدًا معنى أن تنشأ تحت ضغط بعض الأفكار والمعتقدات الخاطئة، أو حتى العادات الإجتماعية البالية -باختلاف مصدرها-؛ فنُجبر أحيانًا إمّا على: الإلتزام بها كأمورٍ حاسمة لا نقاش فيها، أو الاختيارمن بين خيارين لا ثالث لهما..

أفهم ما تعانيه يا صديقي من مُخلّفات ذلك الالتزام وذلك الاعتقاد تمامًا..

عقلٌ مزدحمٌ بأفكارٍ لا تهدأ حتى وإن اسْتَقبلنا سُباتٌ عميقٌ بعد ما نظنه انتصارًا.. أو اِسْتسلمنا نحن لغفوة هي في الواقع إغماءةُ مُرهَق..

 

دعونا نتفق قبل أن أبدأ على بعض النقاط:

القدرة على كسر دائرة ما؛ تختلف من شخص للآخر من حيث:

-   لحظة إدراكنا أننا بداخل دائرة (ما) تتكرر باستمرار وبشكل سلبي..

-   الكثير من البحث، العصف الذهني، الإنكار، القبول..

-   الفترة التي نمضيها لفهم آلية عمل هذه الدائرة؛ مداخلها ومخارجها، سبب استمرارها، آثارها الجانبية،... إلخ.

-   الخوف والتردد من الإقبال على فكرة كسر هذه الدائرة؛ بل حتى من فكرة إمكانية حدوث الأمر!

-   اتخاذ القرار النهائي في التحرر؛ سبب القرار، وكيفيته، ونتائجه..

تخيل أن بعض الخطوات تأخذ شهور، بل حتى سنوات.. وخصوصًا الخطوة الأولى : الإدراك.. لذلك من المهم أن تدرك بأن الموضوع ليس مجرد ضغطة زر..

أبدأ تجربتي هنا :

عرفت نفسي طفلة مختلفة عن أقرانها.. تعشق الترتيب وبطقوس خاصة، حريصة جدًا، ومنظمة بشكل لا يُوصف (كنتُ مضربًا للمثل حرفيًا).. كنتُ أعتقد أنه يجب عليّ أن أكون دائمًا تلك الطالبة المثالية والمتفوقة بإمتياز، بل وأن غير ذلك يعني الفشل بصريح العبارة..

لن أطيل وسأبدأ الحديث مباشرة عن أكثر المراحل التي برزت فيها مشكلتي مع الكمال وهي المرحلة الجامعية، وهذا لا يعني عدم وجودها في الفترة ما قبل الجامعة؛ لكنها المرحلة التي خرجت فيها الأمورعن نطاق سيطرتي..

كان دخول الجامعة بالنسبة لي تحدٍ كبير؛ فهو عالم جديد ومختلف تمامًا عن كل ما سبق لي تجربته أو خوضه من قبل، بالإضافة إلى طبيعة شخصيتي ذلك الوقت؛ كنتُ شخصية محدودة العلاقات الاجتماعية؛ فكل ما يهمني أن تمشي أمور دراستي أو عملي أو حتى علاقاتي بالشكل المطلوب والمثالي. كنتُ أحب الالتزام بنظام معين؛ وهذا يعني أن وجود طارئ سيشكّل لي مشكلة كبيرة للغاية لأنه سيُفسد استمرارية نظامي بل وكياني بشكل شبه كامل!

انتهت أول ثلاث سنوات باعتذار حصل في نهاية السنة الثالثة؛ وكان ذلك بسبب تراكم الكثير من الأحداث، مثل: نقل الجامعة للمقر الجديد، تغيير تخصصي مرتين، وفاة الوالدة -رحمها الله وغفر لها-. وجميعها أمور لم أستطع التوفيق بينها وبين مشكلة القلق التي تحدث بسبب انهيارات الأنظمة التي حاولت خلقها للتأقلم مع ما يحدث آنذاك 💔..

كيف لهذه الأحداث أن تزيد المشكلة؟

خلق نظام معين ثم الإلتزام به والسيطرة على سير أبسط الأمور؛ يرسم لي صورة شبه واضحة لهيئة ذلك اليوم.. ولكن عندما تم نقل الجامعة لمقرها الجديد –على سبيل المثال– اختل توزان الكثير من الأمور؛ فهناك مكان جديد وبعيد، زحمة السير، المواصلات ...، بالإضافة إلى أن هذا الحدث صادف أول سنوات التخصص أيضًا، وبالتالي فهناك عالم آخر إضافي ينتظرني (تنسيق الجدوال، طبيعة التخصص...)؛ وهذا يعني أنه أصبح لدي الكثير لاكتشافه وإدارته حتى أستطيع إنشاء نظام يتماشى مع المعطيات ويناسبني في ذات الوقت -_- ..

حادثة الاعتذار :

بعد دخولي التخصص الحالي وانتهائي من الفصل الدراسي الأول، قررت الإعتذار عن الفصل الثاني بسبب التغيير الفيصل بالنسبة لي في تلك المرحلة، وهو تحول القسم نفسه (علم النفس الاكلينكي) من كلية التربية إلى كلية الصحة وعلوم التأهيل.

قد يرى البعض أن الأمر يبدو طبيعًا بل ويُعد جزء من دورة الحياة، وأنا معكم في ذلك.. لكن هذا الحدث قد فاق قدرتي وطاقتي معًا، خصوصًا مع وجود أمور أخرى خاصة لم تُحسم بعد 💔..

كنت أعلم وأدرك أن خلق نظام جديد بعد ظرف معين والتكيف معه أمر يحتاج لبعض الوقت -وهذا يختلف في مدته من شخص لآخر-، وهو طبيعي أيضًا في حدود المعقول (بحيث لا يؤثر على جوانب حياتك الأخرى لفترة طويلةلكن من يعاني من القلق أو مشكلة الكمال سيفهم جيدًا ما أعنيه داخل هذه السطور..

السقطة المؤلمة:

أتذكر بعض التفاصيل جيدًا؛ فالصدمة كانت قوية جدًا بالنسبة لي..

استلمت نتيجة أول اختبار لي في التخصص، وكانت لحظة استشعرت فيها بقسوة بعض الحقائق .. كانت لحظة مؤلمة جدًا لدرجة أن دموعي أبت الصمود أمامها.. نعم بكيت ولكن لم يكن ذلك بسبب النتيجة، بل بسبب وجود حقيقة لم تراعي لي أي ظرف؛ كنت فعلًا مصدومة من الحدث ثم من ردة فعلي..

"  يا الله !! .. كيف وصلتِ لهذه المرحلة يا ندى ؟! "

أعتقد إن تأثير هذه السقطة أقوى بكثير من أي سقطة تعرضت لها في السابق.. شعرت بأمرٍ ما تغير في داخلي؛ فقد كانت المرة الأولى التي أبرر فيها خطئي وإخفاقي لنفسي:

" معليش يا ندى، كان أول اختبار بأول مادة في التخصص الجديد، كان إنجليزي ومصطلحات جديدة وطريقة مختلفة، الحمدلله إن فيه مجال لإعادة الاختبار، يعني أنتِ يا ندى الآن خذتي فكرة عن طريقة الاختبار في هذه المادة وفي القسم بشكل عام "..

وعدت نفسي بالتحسين في الإعادة، ولكن مع الأسف حصلتُ على نفس النتيجة =|.. ولم يكن هناك الوقت الكافي للحزن لأن هناك بلوك جديد قادم في الطريق (بلوك = كورس = مادة جديدة؛ كل مادة تأخذ 5 أسابيع فقط وهكذا حتى نهاية الفصل الدراسي) ويجب الاستعداد له حتى مع وجود ألم الإخفاق..   يتبع



تعليقات