منقول: التواصل مع النفس ، بواسطة أ. أسامة الجامع ..

Photo by Mariana Blue from Pexels
 

في هذه التدوينة أجمع لكم سلسلة تغريدات التي كتبها الأخصائي النفسي: أسامة الجامع – أخصائي أول ومعالج نفسي -، والتي تحدث فيها عن " أهمية التواصل مع النفس ".

" سأتحدث في سلسلة تغريدات عن أهمية التواصل مع النفس وطرقه والمشكلات التي تنشأ لضعفه، وسوء التواصل وما يصنع في شخصية الفرد.

إن سوء التواصل مع الناس ليس بالضرورة هو سوء خلق الفرد بقدر ما يكون سوء تواصل الفرد مع نفسه، تجده سيئ جداً في تقديره لذاته والعناية بشخصيته، ومعرفة نفسه، فمن كان سهل الانسجام مع نفسه تجده سهل الانسجام مع الناس حسن التواصل معهم.

إن التواصل مع النفس يتزامن مع: التصالح معها، تقدير أفعالها، منع شتمها، العناية بها، عدم قبول ما يهينها من قبل نفسك أو الآخرين أو حتى الذهاب لأماكن لا تليق أو التصرف بأفعال لا تليق؛ لأنه لا يرى نفسه تنزل لمثل تلك المستويات، بل يعتقد أن نفسه ينبغي أن توضع بموضع راقي.

الاستفراد بالنفس: إنه من الأهمية بمكان التواصل مع الناس، والخروج معهم، لكن هناك من يتواصل مع الناس ليستمتع، وهناك من يتواصل مع الناس هرباً من نفسه، هو لا يريد الجلوس وحيداً ومقابلة أفكاره، ماضيه، أخطاءه، حديثه مع نفسه، فيستمر بإشغال نفسه وإرهاقها لينسى. إن الإنشغال المفرط ينتج عنه عدم جلوسه مع نفسه وعدم تواصله معها، يشعر بالوحشة بدل المتعة عندما يجلس لوحده وهو الأصل، بل يشعر بالخوف مما يفكر ومما يقول لنفسه، وهنا بعض الاقتراحات التي تساعد الفرد في التواصل مع نفسه للوصول لانسجام مع النفس:

أولًا: تعرف على مشاعرك:

خذ ورقة بها عشرات المصطلحات لأسماء المشاعر، وضع دائرة حول مصطلح الشعور الذي تشعر به، حاول تدريب نفسك على التعرف على أكبر قدر ممكن من أسماء المشاعر، هذا سيساعدك لاحقا على التعبير عنها لفظًا وكتابة، وسيجنبك ذلك قدرًا كبيرًا من الضغط النفسي.

ثانيًا: في أوقات الضيق اكتب مشاعرك:

وذلك بعدما تعرفت على أسماء المشاعر يمكنك التعبير عنها وكتابتها واصفًا نفسك، وهو نوع من التواصل مع النفس عندما تكتب عن نفسك وتعبر عنها، وتلك من التمارين المهمة في الاقتراب من الهدوء بدلًا من الصراع لمشاعر لا تعرف ما هي سابقًا.

ثالثًا: تأمل .. لا تفعل شيئًا:

بعض الأشخاص مجبول على العمل المتواصل وليس في قاموسه البقاء بلا فعل، وليس المقصود هنا هو الكسل، المقصود أن تجلس أمام الطبيعة بعيدًا عن الأجهزة، وتتأمل في شكل وردة، أو جمال حديقة، أو مرور سحاب، وأن تصف شكلها في مخيلتك.

من المؤسف أن ترى كثيرًا من الناس يقضي وقتًا مع الآخرين لكنه بالكاد يقضي وقتًا مع نفسه وحياته وتصرفاته وما يملك وما حققه من إنجاز، وبدلًا من ذلك يقفز ذهنه لما أخطأ به من تصرفات، أوقف ذلك ذهنيًا وعدد بورقة وقلم صفاتك الجيدة، اجلس مع نفسك واكتبها أو اسمعها من شخص آخر لو أردت، واسأله.

من صفات التأمل تفعيل حواسك الخمس وأنت في الحديقة فترهف سمعك لأصوات العصافير، أو منظر جميل تراه بدقة، أو تستشعر ملمس الهواء على وجنتيك، أو تشم رائحة المكان والغراس حولك، أنت بهذه الطريقة تتواصل مع نفسك وتفعل حواسك، وكلما سرحت أحضر نفسك لتأمل المكان.

رابعًا: كن مسئولًا:

قد لا تكون مسئولًا عن الظروف حولك، وكيف ولدت، ونوع الأسرة التي عشت فيها، لكنك مسئول عن تصرفاتك وقراراتك، استعمل عقلك في التخطيط لتغيير حياتك على المدى البعيد، لا تقل أريد التغيير الآن، ولا تنتظر التغيير من أحد.

خامسًا: أعد تربية نفسك وبناءها:

ربما لا تحظى بوالدين جيدين في بناء شخصيتك، ربما كنت ضحية: الألم النفسي، الغضب، القلق، الاكتئاب، الشعور بالذنب. إن إعادة البناء تتطلب إعادة بناء صورتك عن نفسك، والتخلي عن تلك الصورة الخاطئة التي بنيت فيك، وأن تعتنق صورة جديدة عن نفسك. تلك الصور الجديدة مبنية على الحب والاحترام لنفسك والتسامح معها والقيام بتجارب جديدة في حياتك تم تربيتك على تجنبها أو تم إقناعك أنك لا تصلح لممارستها، تلك الممارسات الجديدة بها العديد من تحمل المسؤولية وقرارات كنت يومًا تخشاها ومهارات تتعلمها فتصنع ذاتًا لنفسك جديدة.

سادسًا: النظر للمرآة:

بعض من قابلتهم بالعيادة يخبرونني كيف أنهم لا يحبون النظر لأنفسهم بالمرآة لأنهم لا يحبون أنفسهم، بمعنى آخر هو يوجه لنفسه أقبح الصفات، وهذا يزيد من حالته سوءًا ويزيد من هربه من نفسه، التمرين بأن تنظر للمرآة، وتؤمن داخل نفسك أنك شخص جيد وتستحق معاملة أفضل. ابتسم في كل مرة تنظر فيها للمرآة ثم اذهب للعمل أو ابدأ يومك، ابتسم لنفسك، ضع توقعات تحدث بها نفسك وأنت تنظر للمرآة أن هذا اليوم ستصادف ما يسعدك، وستفعل أمورًا جيدة سواء لنفسك أو لآخرين يجعل يومك أفضل.

سابعًا: افعل ما يجعلك سعيدًا:

الأفعال الجيدة تجلب المشاعر الجيدة، قابلت أشخاصًا لا يفعلون شيئًا لأنفسهم لأنهم يرون أن أنفسهم لا تستحق كل ذلك البذل. بل تستحق، خذ ورقة وقلم واكتب أفعالًا لو نفذتها ستسعدك، لا تشترط متعة كبيرة، شراء أشياء باهظة قد تولد المتعة، لكن ما يجعلك سعيدًا أمر يفوق ما يجعلك مستمتعًا، وهو أن تجد هدفًا ومعنى في الحياة تعيش من أجله، أملًا تسعى إليه، هدفًا تريد تحقيقه. لا تضع شروطًا لكي ترضى عن نفسك، أنت إنسان جيد، وليس الجهد بأن تحقق شيئًا لتكون جيدًا، بل أن تحقق شيئًا يجعلك أكثر جودة من ذي قبل.

شكرًا للجميع. "

انتهى

المصدر


تعليقات