منقول: التعامل مع المصائب الجسيمة وكيفية تجاوزها ، بواسطة أ. أسامة الجامع ..

Photo by Hichem Deghmoum on Pexels

يتحدث هنا الأخصائي النفسي أ. أسامة الجامع عن التعامل مع المصائب الجسيمة وكيفية تجاوزها حيث اعتمد طرحه على توصيات جمعية علم النفس الأمريكية APA والتي نشرت في أغسطس 2013م بعنوان: " Recovering Emotionally from disaster " 

" المصائب تحدث للإنسان، مثل حوادث السيارات، وفاة عزيز، التعرض لحادثة مأساوية فجأة مثل حادثة سطو، خطف، محاولة قتل، انهيار عاطفي. من الممكن أن ينجو الإنسان جسمانيًا، لكن من الناحية النفسية تبقى آثار قوية، البعض يتجاوزها، والبعض الآخر لا يفعل، فتبقى الندوب التي لا تمحى.

بداية يعتقد الإنسان بعد انتهاء المصيبة وتهنئة الناس له ورحيلهم أنه بخير، لكن سرعان ما تبدأ الآثار بالظهور، فيتأثر النوم، الأكل، المزاج، العلاقات، العزلة بدل الاندماج، الذكريات المؤلمة، العصبية، يبيت وقد أنكر نفسه، إذ لم يعد هو كما كان من قبل، ينتظر أن يشفى بلا طائل.

أكثر ما يعاني منه الفرد بعد انقضاء الصدمة هي هجمة الذكريات الملحّة، وكأنه يراها أمامه، بل قد تكون مخفية، فتصعد للذهن بسبب رائحة عابرة، أو مشهد، أو خبر، ويعيش خوفاً غير مبرر، يثير استغراب من حوله، وسر خوفه أنه يخشى أن تتكرر الحادثة مرة أخرى، فتجده دائم الترقب والقلق.

ورغم أن الحدث يحتاج إلى وقت لتزول آلامه، فكثير من الناس مع الوقت يتجاوز الألم، وتعود حياته كما كانت وقد يستغرق أشهراً، وهناك بعض التوصيات التي تعجل عملية الشفاء، ولابد للإنسان أن يعمل شيء فيه جهد ليتجاوز مشكلته لا أن ينتظر معجزة أو منقذاً يساعده:

أولًا: اسمح لنفسك بمساحة للمشاعر السلبية، البعض يرفض أن يشعر بالسوء ويظنه ضعفاً، دع مشاعر الألم تأخذ مجراها، لابد من خوض الألم لتشفى، اسمح للوقت، اسمح للشعور وتقبل ذلك. ستزيد الأمر سوءاً إذا غضبت من نفسك لماذا أنت متراجع أو متألم بل هو طبيعي، وتطول مدة الألم كلما قاومت.

ثانيًا: ابحث عن دعم اجتماعي، الإنسان ضعيف لوحده قوي بمن معه، احصل على دعم عائلتك، أصدقائك، أو ربما معالج نفسي غريب، ففيه شفاء، البعض يحبس تلك المشاعر، ويظهر مشاعر زائفة ليست له، مخافة أن يزعج عائلته، أو لكي لا يظهر أمامهم أنه ضعيف، ابحث عن الذي تثق به وتأمنه.

ثالثًا: انخرط في الأنشطة، البقاء بلا فعل شيء لا يساعد، الأفكار السلبية تهجم على الفارغين، ابحث عن مشروع، عمل تطوعي، اخترع عملاً، انشغل بما يأخذ وقتك، قم بكتابة يومياتك، ومشاعرك، فالكتابة عامل مساعد للشفاء وتنفيس.

رابعاً: ابحث عن مجموعات الدعم التخصصية المشابهة لك، فلست وحدك، الكثيرون مروا بما مررت به، ابحث عن أشخاص خاضوا نفس التجربة، تواصل معهم، هناك مجموعات تتواصل مع بعضها بحوادث مماثلة، ابحث عنهم، تحدث إليهم، تعلم من الذين شفوا، لست مضطراً للعيش وحيداً بألمك.

خامساً: شمّر عن ساعديك في دعم نفسك بعادات صحية لم تكن موجودة لديك من قبل، مثل ممارسة الرياضة اليومية، الإقلاع عن التدخين، عمل حمية ولياقة، ممارسة التأمل والتيقظ الذهني، الإلتزام بـ 7-8 ساعات نوم فقط، أخذ دورات وقراءة عن العادات الصحية، فقد يعطيك ذلك جزء من الشفاء.

سادساً: اذهب إلى العلاج النفسي مثل العلاج الدوائي، وجلسات العلاج النفسي بالحوار، وانتبه أن تتخذ قرارات مصيرية، فهذا ليس الوقت المناسب، وتذكر أن الثمن الذي ستدفعه في تجنب العيادة النفسية أكثر بكثير من الثمن الذي ستدفعه فيما لو ذهبت، اكسب نفسك ولو خسرت نظرة الناس.

سابعاً: ما بك هو ابتلاء خارج إرادتك، فاحذر لوم نفسك، ما بك يحتاج إلى صبر ودعاء، فلا تيأس، المسألة قد تأخذ شهور عدة وتطول كلما سخطت، لا بأس، قم بحزمة أفعال، فالمسألة ليست فقط دواء، بل رحلة طويلة بها جهد وتخطيط، وتضحية، وألم، ثم تجد النتيجة بإذن الله. "



تعليقات